غوغل تصارع مع «حق المرء أن يُنسى»

كاتي إنغلهارت حضرت جلسة الاستماع العلنية للمجلس الاستشاري لشركة غوغل، وقد أقيم كردّ على حكم المحكمة الأوروبية للعدالة.

لها في نتائج البحث مقالة قديمة عن مقتل زوجها. ترتعب. تخيل الآن أن هذه المرأة يمكنها الذهاب إلى محامي غوغل لتقول: «احذفوا الرابط من نتائج بحثي!». المقال الأصلي سيظل موجوداً في أرشيف أي موقع إخباري نشره. المقال سيظهر أيضاً في نتائج البحث عن اسم القتيل. لكن بحث غوغل الخاص بالمرأة سيطهّر من أي شيء يشير إلى حادثة القتل.

حادثة قتل كهذه حدثت. وطلب كهذا تمّ بالفعل من غوغل من امرأة في إيطاليا. بالنتيجة، محت غوغل الرابط من المقال الإخباري الذي يعود لعقود مضت، أو بعبارة أخرى سمحت لمحرّك بحثها أن «ينسى» الجريمة.

في جلسة استماع علني في وسط لندن في أوكتوبرتشرين الأول 2014، ناقش الرئيس التنفيذي لغوغل إيريك شميت أمثلة شبيهة من الحياة الواقعية لأفراد قدّموا لغوغل طلبات نزع رابط. كان هناك شخص غلماني (بيدوفيلي) متّهم أراد لبيانات مؤخرة عن اتهامه أن تمحى من عمليات البحث عن اسمه. (غوغل رفضت). وقبله ضحية لجريمة عنف أراد أن تحذف روابط لمقالات إخبارية عن الهجوم. (غوغل وافقت).

هذه الطلبات أصبحت ممكنة بسبب الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الأوروبية في مايو/أيار 2014 عن ما يسمى «حق المرء أن يُنسى». حكمت المحكمة بأن على غوغل ومحرّكات البحث الأخرى أن تتقبل طلبات أفراد محو (أو «نسيان») روابط تظهر إثر البحث على الإنترنت عن أسمائهم—في الحالات التي تكون المعلومات المحال إليها «غير ملائمة أو غير ذات صلة أو زائدة عن الحاجة». أُمرت غوغل بالموازنة بين «الحساسية تجاه الحياة الخاصة للأفراد ورغبة العموم بالحصول على وصول لتلك المعلومات»—مع تأييد «الحقوق المطلقة، كحرية التعبير وحرية الإعلام».

هذا طلب طويل نوعاً ما لمحرّك بحث. بين مايو/أيار و أكتوبر/تشرين الأول، تلقت غوغل طلبت لنزع روابط ما يقارب نصف مليون موقع؛ قامت بحذف حوالي 58% من الروابط المطلوبة.

يعني الحكم القضائي أنه، في أوروبا، سيكون على غوغل أن تذهب أبعد من التشريعات الموجودة حول حقوق الملكية والخصوصية والافتراء. تحت «حق المرء أن يُنسى» ربما يتوجب على غوغل الآن أن تمحو روابط لمعلومات شرعية، وحقيقية، وموجودة أصلاً في المجال العام.

الرد على الحكم القضائي كان مسعوراً—بل، في بعض الحالات، هستيرياً. مارتن كلارك، ناشر ميل أونلاين، قال إن محو الروابط كان «بقدر الذهاب إلى المكتبات وحرق كتب لا تحبها». نشطاء حرية التعبير جادلوا أن القرار يذيع موت الإنترنت الحر والعادل في أوروبا. في الوقت نفسه، أصرّ الخصوم على أن الحُكم يحمي مفهوم «الكرامة» أونلاين.

في الأخبار المتعلقة بما يسمى «جدال حق المرء أن ينسى» ظهرت سردية ثقافية هشة، تضع أميركا، العاشقة المزعومة لحرية التعبير، مقابل أوروبا، المهووسة بالخصوصية وعبادة القوننة. كاليفورنيا مقابل بروكسل.

لكن بعض المحامين على جانبي الخط وصلوا معاً إلى نقطة مشتركة: أن هذه الجدالات يجب أن تحدث في صالات المحاكم الأوروبية، وليس في مساحات غوغل المفتوحة على بعضها في (منطقة) سيليكون فالي. جادلوا أن ’محكمة العدل الأوروبية‘ بفعالية ألقت بغوغل—وهي شركة إنترنت ربحية مقرّها كاليفورنيا—في دور الملك الفيلسوف: مسؤول عن تقرير أبعاد المصلحة العامة في أوروبا.

غوغل نفسها (المسؤولة عن ما يزيد عن 90% من عمليات البحث في أوروبا) لم تكن مسرورة أبداً. كانت الشركة قد أصرّت منذ زمن طويل على أنها متعهّد محايد للبيانات وليست «متحكم بيانات» بمعنى قانون حماية البيانات. لم تطلب غوغل من قبل أن تكون «صانع قرار»، كما هاجم المدير التنفيذي شميت. لكن المحكمة أمسكت الشركة من يدها، وعليها الآن أن تقوم بدور تحريري أكثر وضوحاً.

رداً على هذه المهمة الضخمة، عينت غوغل «مجلساً استشارياً بخصوص حق المرء أن يُنسى»، وفي المجلس فيلسوف أخلاق في جامعة أوكفسورد، ووزير عدل ألماني سابق، ومحامي بلجيكي، ومؤسّس ويكيبيديا جيمي ويلز. بعد ذلك، أطلقت الشركة رحلة لمدة شهرين: سبعة اجتماعات تجري في صالات وتُعقد في المدن الكبرى في القارة الأوروبية.

الحدث في لندن كان المحطة السادسة من أصل سبع. كان الاجتماع—الحر والمفتوح للعموم—قد عُقد قرب محطة كينغز كروس في مبنى تشارك فيه جريدة الغارديان. كان الجمهور ثرياً بشكل مفاجئ: بالعشرينات أو بالثلاثينات أشخاص يرتدون بذلات بزنس غامقة اللون—ليس محرّري ويكيبيديا وقراصنة مراهقين بمظاهر شعثاء وأحذية رياضية، كما كنت لأتوقع. لم يتكلم أحد خارج دوره أو يقاطع أحداً. والحضور كانوا يقضمون بمنتهى الأناقة شطائر فاخرة من الحمّص والفليفلة الحمراء والكعك و«اللحم النورثمبري المعلق 32 يوماً مع سلطة الكرنب الحمراء».

البعض نبذ جولة غوغل باعتباره مجرد عمل مثير للعلاقات العامة، ورأى أن الشركة تخوض الجدال فقط لتظهّر كم أن حكم ’محكمة العدل الأوروبية‘ ضبابي ولا يمكن الدفاع عنه لوجستياً—وبالتالي، لتجنّد دعماً لمعارضة مفهوم «حق المرء أن يُنسى». إن كانت هذه المزاعم صحيحة، فقد نجحت المهمة.

في عنوانه، عرض شميت عدة حالات قال إنها جعلت محامي غوغل يتوقفون ملياً. كانت هناك حالة لمجرم متّهم قضى محكوميته والآن يريد محو روابط المقالات التي تتكلم عن تهمته. وحالة لفرد أراد محو معلومات حساسة عنه، رغم أن هذا الفرد هو الذي نشر تلك البيانات أصلاً.

إيما كار من مجموعة حملة بيغ براذر ووتش جادلت أن حكم ’محكمة العدل‘ يجب أن يطبّق على الناشرين وليس على محرّكات البحث. «يجب معالجة المشكلة من المصدر»، كما قالت، «مع المواقع التي تحوي المعلومات المطلوب حذفها». في الواقع، هذا سيكون نوعاً أكمل من «النسيان» باعتبار المعلومات نفسها، وليس مجرد روابط إليها، ستمحى. لكن لوسيانو فلوريدي، فيلسوف أوكسفورد الذي يشغل موقعاً في المجلس الاستشاري لغوغل، تساءل إن كانت العدة الموجودة لم تكن أفضل باعتبارها توفّر «تسوية» بين التذكر الرقمي والنسيان. عدة ممثلين من الإعلام، منهم ديفد جوردان، مدير السياسات والمعايير التحريرية في البي بي سي، وافق أن قرارات المحو يجب تركها للناشرين، لكنه حذر من أن المعلومات يجب أن تحذف فقط في الحالات القصوى، كيلا تبدأ المواقع بـ«إعادة كتابة الماضي وتعديل التاريخ». جوردان انتقد «غياب عملية الالتماس رسمياً» حيث يمكن للناشرين أن يلتمسوا قرار نزع رابط من غوغل.

كار أيضاً أثارت مسألة كيف نرسم «خطاً بين الأفراد العامّين والخاصّين» في زمن أصبحت فيه هذه المفاهيم ضبابية غالباً. وضع جوردان حالة افتراضية: عضو متطوّع في لجنة مدرسة يقيّم جودة الغذاء في المدرسة. هل هذا الرجل «شخصية عامة»؟ وهكذا، هل تنتمي كافّة بياناته إلى المجال العام؟ هذه بالذات معقدة، لأن تصنيفات عامخاص متغيرية وحيوية. إيفان هارس، رئيس وزراء بريطاني سابق والآن هو مدير مساعد في حملة هاكد أوف، أشار إلى أن الأفراد قد ينظفون روابط عن عمليات نصب سابقة قبل الترشح لمنصب ما. هل يجب إعادة هذه الروابط حين يدخل الفاعل المجال العام؟ واستطراداً، هل البيانات الشخصية لكل شخص لها أهمية عامة، على أرضية أننا كلنا قد نصبح شخصيات عامة مستقبلاً؟

وماذا عن الجرائم؟ عدد من الطلبات وصلت من مجرمين متهمين قضوا محكوميّاتهم. هل على غوغل أن «تنسى» الإشارات إلى تُهمهم؟ وهل المعلومات عن الجرائم تنتمي إلى المجال العام؟ وعلى كل حال، كيف يجب أن تكون سياسات غوغل، باعتبار حكم ’محكمة العدل الأوروبية‘ تغطي 28 دولة عضوة لها قوانين جنائية تختلف بشكل واسع؟

مسألة «ضار»، وما يمثّل «الضرر» كانت أيضاً نقطة جدل. فلوريدي، من جامعة أوكسفورد، أشار إلى أن «الحرج له درجات. الحرج الاجتماعي يصبح وصمة اجتماعية يصبح خسارة لوظيفتك… هل لدينا طريقة لفهم متى يصبح الحرج والإزعاج والكراهة أشياء ضارة؟». ربما الحدود مختلفة، وتعتمد على الفرد وعلى السياق. وربما يجب أن تعدّل عندما، مثلاً، يكون الشخص طفلاً، أو لديه مسألة صحة عقلية.

مصطلح إشكالي آخر كان «ذو صلة»، وهو مستعار من حكم محكمة العدل. نصحت المحكمة غوغل أن تأخذ عمر البيانات بعين الاعتبار. لكن إلى أي حد يجب أن تكون البيانات قديمة قبل أن تفقد «صلتها»؟ وهل تفقدها أصلاً؟ هل يمكن لبيانات تبدو غير ذات صلة أن تصبح ذات صلة ذات يوم مستقبلاً؟ «للمؤرّخين، حتى الحقائق المبتذلة قد تكون ذات صلة مع الوقت»، كما تجادل غابرييل غويلمان، رئيسة المكتب التشريعي في منظمة آرتكل 19. آلان واردل، رئيس الشؤون العامة والسياسات في NSPCC عارض ذلك: «معظم الناس لا يريدون أن يكونوا مهمين للمؤرّخين خلال عشرين سنة. يريدون أن يعيشوا حياتهم الآن».

بوضع التأملات الفلسفية جانباً، عملية المراجعة من غوغل ستكون معقدة ومكلفة بشكل هائل. حسب التقارير كلّفت الشركة عشرات المحامين والمساعدين القانونيين للتعامل مع الطلبات واحدة واحدة. «ليس واضحاً لي إن كان يمكن أتمتة ذلك»، يقول شميت. «سنفعل ذلك إن استطعنا. نحب أتمتة الأشياء».

كاتي إنغلهارت كاتبة وصحفية مقيمة في لندن، تغرّد على @katieengelhart www.katieengelhart.com

قراءة المزيد:


تعليقات (1)

تمت الترجمه الآلية بواسطة «مترجم جوجل» الذي يقدم المعنى العام لما قاله المشارك. إلا أن هذه الترجمة لا يمكن الاعتماد عليها لإعطاء المعنى الدقيق والطف في الترجمة. الرجاء أخذ ذلك في الاعتبار.

  1. It does seem here as though the European Court of Justice is attempting to have its cake and eat it. If it has decided that Google should be bound by its ruling that individuals have the right to have search results modified, why does it then deem that Google will implement these decisions satisfactorily?

    It would seem like a counter-intuitive move to suggest that one dominant data provider has unweildly power over individual lives, but then suggest that that same giant should then act as final arbiter in deciding what appears on screens. Essentially it is taking moral decisions away from Google’s oblivious algorithms and entrusting them to their human actors.

    In this instance the obvious solution is for the European Union to put its money where its gavel is and to create an independent body to adjucate on these cases for all search engines, not just Google.

اترك تعليقاً بأية لغة

إضاءات

اسحب إلى اليسار لتصفح جميع الإضاءات


«مناظرة حول حرية التعبير» هي مشروع بحثي تحت رعاية برنامج داريندورف لدراسة الحرية في كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد. www.freespeechdebate.ox.ac.uk

جامعة أوكسفورد