حسن جمال: حرية التعبير في تركيا

من الشيوعية إلى النزعة الانفصالية الكردية استخدمت الدولة التركية سلسلة من الذرائع لمنع مواطنيها من حرية التعبير، يكتب الصحافي حسن جمال.

  من الشيوعية إلى النزعة الانفصالية الكردية استخدمت الدولة التركية سلسلة من الذرائع لمنع مواطنيها من حرية التعبير، يقول الصحافي حسن جمال.

لقد كسرت جناحيه حرية التعبير في تركيا خلال الحرب الباردة، وظلت الاجنحة مكسورة لهذا اليوم. وحاولت تركيا ممارسة “الديموقراطية التعددية” بعد الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من تحقيق عدة انجازات لم أصبح دولة ديمقراطية من الطراز الاول حتى اليوم.

خلال سنوات الحرب الباردة، كانت ترطبت انتهاكات حرية التعبير في الغالب الاحياب الى الخوف من “الشيوعية” و “الدعاية الشيوعية”، فقد كان هذا العامل الرئيسي الذي أدى إلى حبس الصحفيين والكتاب والناشطين. وشكلت مواد القانون الجنائي التي اتخدته تركيا من “ايطاليا موسوليني” في 1930 السيف الذي يتأرجح فوق رؤوس أولئك الذين عارضوا النظام وطالبوا بالمزيد من الديمقراطية.

خلال الحرب الباردة، سجن الناشطين في “الحزب الشيوعية” و “الدعوة إلى الشريعة”، وكانت دعوة من قبل بعض الجماعات للحصول على نظام سياسي ديني في تركيا. وكان هناك أيضا ما يسمى بالحركة الكردية، وكان ذلك مبررا استخدمتة الدولة التركية منذ تأسيس الجمهورية لمنع مواطنيها من حرية التعبير.

بعد سقوط جدار برلين، تم تعديل قوانين الحرب الباردة مع مبشرات جيدة للديمقراطية ولكن في الواقع، لم يتغير كثيرا. ومنذ 1990، تم استبدال الخوف من الشيوعية ب”الخوف” من النزعة الانفصالية، والآن، هو قانون مكافحة الإرهاب الذي يخنق حرية التعبير في تركيا والذي يؤثر علے وسائل الإعلام الكردية اكثر سلبا.

واستندت الاتهامات بالإرهاب مثل مساعدة منظمة إرهابية أو نشر الدعاية الإرهابية، على تعاريف غامضة وواسعة لدرجة ان نطاق حرية التعبير وحرية الصحافة ضاق باطراد. وبالإضافة إلى ذلك، معايير القضاة والمدعين العامين المنخفضة في تركيا بقدر ثقافة الديمقراطية وسيادة القانون، وبمعنى أخر، عقلية السلطة القضائية، كانت وتزال تشكل عقبة رئيسية لحرية التعبير.

ترجع اصول البنية او العقلية التي منعت تركيا من التطور الى دولة ديمقراطية حقيقية الى تأسيس الجمهورية في عام 1923 وقبل ذلك، فعاشت النخبة العسكرية والمدنية التي أسست الجمهورية دائما في ذعر أن ستقع تركيا للنظام الشيوعي أو الشريعة أو ان سيقسمون الأكراد البلاد، والنتيجة هي ان قد عاشت هذه النخبة في خوف دائم من الديمقراطية.

وحتى الى العقد الأول من القرن 21، منع النظام المعروف باسم الوصاية العسكرية تركيا أن تصبح دولة ديمقراطية من الدرجة الأولى وكان يشمل مجموعة أيديولوجية من القومية للعنصرية التركية. من اول عام 2000 تحت حكم حزب العدالة والتنمية، بدأت وتضعف وتحل الوصاية العسكرية بدأ والجيش ان يصبح تابعا لل”سلطة المدنية”.

وتم توسيع نطاق حرية التعبير بالمقارنة لسنوات ال1990 او وقت الحرب البارد، لكن لا احب المبالغة. فقد تم استبدال شيوعية وشريعة الأمس بواسطة الإرهاب كضمني للنزعة الانفصالية. وكما سبق و أشرت، تزال قانون مكافحة الإرهاب، والقانون الجنائي التركي، وقانون الاجتماعات العامة والمظاهرات تنتهك حرية التعبير، ويؤثر الوضع خصوصا على وسائل الإعلام الكردية و على زملائي الكرديين بشكل سلبي.

اليوم هناك أكثر من مائة الصحافيين في السجن، وليس سادخل في المناقشات الرقمية التي بدأتها حكومة حزب العدالة والتنمية لانني لا اعتقد ان الحكومة لديها حجج مقنعة. ماذا يختلف لو، وفقا لمعايير متحدثين الحكومة، هناك 50 صحفيا في السجن بدلا من 100، أو 30 بدلا من 50 أو 20 بدلا من 30؟

وعندي نقطة واحدة اخيرة لكنها نقطة مهمة جدا لي. المشاكل الحالية التي تواجه حرية التعبير وحرية الصحافة في تركيا ليس فقط نتيجة القوانين والعقلية المناهضة للديمقراطية التي تطبق تلك القوانين. فتؤثر السلطة السياسية أيضا على وسائل الإعلام، وحكومة حزب العدالة والتنمية لديها آلية ضغط تقشعر حرية التعبير اكثر – وهي الآلية التي تنطوي على مالكي وسائل الإعلام. ويسكت هذا النوع من الضغط والسيطرة أصوات المعارضة إلى حد كبير، إن لم يسكتهم تماما.

فكون أن يرحب او حتى لا يقاوم ناشري الصحف ضغط وغرس مراكز القوى هو أيضا شيئ ضار لحرية الصحافة في هذه الدولة.

وقبل أن أنهي، أود أيضا أن أقول شيئ عن المحرمات السياسية والتاريخية والاجتماعية في تركيا،فالآن تناقش بوجهة نظر متفتحة وحاسمة اكثر العديد من المؤسسات والفعاليات والمفاهيم التي اعتبرت “محرمات” مثل القوة العسكرية او الهوية الكردية، أو لمحنة الأرمن في عام 1915. ومع ذلك يزال خطر الملاحقة القضائية والإطار القانوني الذي يسمح للملاحقة قائما، ويزال من المحرمات حتى اليوم نقد الاسلام او النبي محمد أو أتاتورك.

سأعطيكم مثالا لذلك: قد ظهر احدى زملائي، الروائي المعروف أحمد ألتان، أمام المحكمة لأنه كتب في عموده أن مؤسس الجمهورية التركية أتاتورك كان ديكتاتورا.

وشكرا.

(للاستماع إلى خطاب، اضغط هنا.)

حسن جمال هو احد المتحدثون والمؤلفون الاكثر شهرة في تركيا، ويكتب عمودا في صحيفة ميليت.

قراءة المزيد:

اترك تعليقاً بأية لغة

إضاءات

اسحب إلى اليسار لتصفح جميع الإضاءات


«مناظرة حول حرية التعبير» هي مشروع بحثي تحت رعاية برنامج داريندورف لدراسة الحرية في كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد. www.freespeechdebate.ox.ac.uk

جامعة أوكسفورد