الإضراب عن الطعام كحرية تعبير

في العام الفائت قام آنا هزاري، وهو هندي ذو 74 عاماً ينشط في قيادة الحملة المعادية للكسب غير المشروع، بالشروع بإضراب »بسرعة حتى الموت« كأسلوب للضغط على الحكومة لتطبق قانون محاربة الفساد. هل يجب صون الإضراب عن الطعام كشكل من أشكال حرية التعبير؟ مناف بوشان وكايتي إنغلهارت يطرحان وجهتي نظر متناقضتين.

الحالة

العاصمة نيودلهي. هذه الحركة أتت كرد فعل على عدد من فضائح الفساد التي خرجت إلى العلن وشملت عدد من المسؤولين الهنود. طالب هزاري بأن يمرر البرلمان قانوناً محكماً ضد الفساد. وبعد خمسة أيام، خففت الحكومة من تعنتها وبدأت بإعداد مسودة لقانون جديد. لكن العملية توقفت سريعاً. بعد أربعة أشهر، شرع هزاري بإضراب »بسرعة نحو الموت« للمرة الثانية، وهذه المرة مطالباً بإنشاء مؤسسة رقابية مستقلة لمحاربة الفساد.

بعد وقت قصير من بدء هزاري لصيامه، قامت الحكومة باعتقاله مستشهدة بالقلق بشأن القانون والنظام. لكن بعد أن تجمع الآلاف لدعم هزاري (في أكبر حركة شعبية مشهودة في الهند منذ السبعينات) تم إطلاق سراحه والسماح له بأن يعرض إضرابه على العلن في مدينة معارض في نيودلهي وبتغطية إعلامية كاملة. وبينما انخفض وزن هزاري، تزاحم المسؤولون لصياغة مشروع قانون لمحاربة الفساد. بالطبع، بعد إثني عشر يوماً، تبنى البرلمان الهندي قراراً تسووياً- وأوقف هزاري صيامه.

وقد رفض المسؤولون الحكوميون نشاط هزاري منذ ذلك الحين معتبرينه ابتزازاً؛ أحد النواب وصفه ب»سابقة خطيرة في ديموقراطية«. في ديسمبر/كانون الأول 2011، هدد هزاري بإعادة بدء إضرابه عن الطعام؛ جادل هزاري بأن مشروع قانون محاربة الفساد في الهند لا يزال هزيلاً.

رأي الكاتب

 

بنظري فإنه من غير الدستوري إطلاقاً ما قامت الحكومة الهندية بوضع هزاري قيد الاعتقال قبل شروعه بالصيام، وأبعد من ذلك فإنّه من غير الأخلاقي أبداً من مسؤوليها اتهامه ب»ابتزاز« البرلمان. الإضراب عن الطعام هو وسيلة ضغط مشروعة تماماً وقد تم استخدامها عبر التاريخ من قبل العديد من المواطنين، بمن فيهم غاندي، للمطالبة بحقوقهم ضمن دولة ديموقراطية. إنها شكل سليم دستورياً للاحتجاج بشكل غير عنيف، ويعمل فقط إذا كان المطلب مدعوماً من قبل عدد من الناس كبير كفاية بحيث يشكل تهديداً للحكومة. ولذلك فإن الحكومة مجبرة على أن تصغي فقط عندما تشعر بأن المطلب الذي يطرحه المضرب عن الطعام يمثل رأياً عاماً. بخلاف ذلك فإن للحكومة الحق الكامل بأن تتجاهله. وبهذا المعنى فإنه من الواجب السماح بهذا النشاط كجانب من أي ديموقراطية فعالة تكفل للمواطنين الحق في الاحتجاج والتعبير عن رأيهم بأي شكل غير عنيف.

كايتي إنغلهارت

هناك أسباب مشروعة لتحرك الحكومة الهندية لوضع عقبة أمام احتجاج هزاري. ففي بداية الأمر، هناك سؤال حول القانون. يجعل قانون العقوبات الهندي من محاولة الانتحار أمراً غير قانوني. والإضراب عن الطعام، الذي قد ينتهي بالموت، يمكن تصور أنه يقع تحت هذا العنوان. في تلك الحالة، وقع على الدولة مسؤولية حماية حياة هزاري: وذلك بمنع التوجه بسرعة حتى الموت. هناك أيضاً اعتبارات متعلقة بالديموقراطية وعملها. في هذه الحالة، قضية هزاري –أي محاربة الفساد- كان لها دعم واسع في الهند، وبذلك سُرّ كثيرون بنتائج الاحتجاج. ولكن ماذا لو كانت قضيته أكثر إشكالية؟ في تلك الحال، كان ممكناً أن يبدو عملاً أقل بطولية أن يقوم هزاري باستعمال تأثيره على نحو فرديّ لليّ ذراع الحكومة.

- مناف بوشان وكايتي إنغلهارت

قراءة المزيد:

اترك تعليقاً بأية لغة

إضاءات

اسحب إلى اليسار لتصفح جميع الإضاءات


«مناظرة حول حرية التعبير» هي مشروع بحثي تحت رعاية برنامج داريندورف لدراسة الحرية في كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد. www.freespeechdebate.ox.ac.uk

جامعة أوكسفورد